تداول وأسواق مال

أين تصنع «أبل» منتجاتها؟

هذا الخبر يأتيكم برعاية موقع عيون الجزيرة الاخباري ويتمنى لكم قضاء وقت ممتع في قراة هذا الخبر

د. محمد الصياد *

فجأة، انضمت شركة «أبل» الأمريكية العملاقة إلى قائمة ضحايا الرئيس ترامب، الذين لا يلتزمون – كما يردد – بأجندته السياسية، ففي يوم الجمعة 23 مايو/ أيار 2025، هدد الرئيس دونالد ترامب شركة «أبل» بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على أي جهاز آيفون يُباع، ولم يُصنع في الولايات المتحدة. في ذات الوقت الذي وعد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، ما لم يتوصل قادة الاتحاد إلى اتفاق مع إدارته، في غضون تسعة أيام تقريباً.
قبل ذلك بيومين، أي يوم الأربعاء 21 مايو، كان الرئيس ترامب، استدعى تيم كوك الرئيس التنفيذي ل «أبل» للاجتماع به في البيت الأبيض، لكن الاجتماع لم يسرْ كما اشتهى الرئيس ترامب، بدليل أنه كتب بعد 48 ساعة من هذا اللقاء على السوشيال ميديا ما يلي: «لقد أبلغت تيم كوك من «أبل»، منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن يتم تصنيع وبناء أجهزة آيفون التي ستُباع في الولايات المتحدة الأمريكية، وليس في الهند أو أي مكان آخر». هذا ما نشره ترامب على منصة «تروث سوشيال»، منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به، يوم الجمعة 23 مايو 2025.
جاءت ردة فعل السوق سريعة، فقد انخفضت أسهم «أبل» بنسبة 2.6% في التعاملات المبكرة، يوم الجمعة 23 مايو 2025. وسرعان ما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1%، وانخفض مؤشر داو جونز بنسبة 0.7%، وانخفض مؤشر ناسداك بنسبة 1.1%.
وفسر المستثمرون عقوبات ترامب على «أبل» بأنها أكبر من مجرد تقصُّد لشركة أمريكية عملاقة بعينها. فهي تُصنّع معظم أجهزة آيفون في الصين. لكنها نقلت، بسبب حرب ترامب الجمركية ضد الصين، عملياتها الإنتاجية إلى الهند، لتجنب الرسوم الجمركية الصينية، فصار الآن أكثر من نصف أجهزة آيفون المبيعة في الولايات المتحدة تُصنّع في الهند. حتى أن تيم كوك، الرئيس التنفيذي للشركة، صرّح بأنهم سيزيدون الإنتاج الهندي بنسبة 65% هذا الخريف. ومن وجهة نظر الشركة، فإن فكرة إنتاجها لأجهزة آيفون في الولايات المتحدة، لا تعدو أن تكون خيالاً غير قابل للتطبيق. لماذا؟ لأن الوضع الاقتصادي الأمريكي يبدو كارثياً من الوجهة الإنتاجية التنافسية، حسبما تؤكد الشركة، إذ سيصل سعر أجهزة آيفون عالية الجودة إلى 3500 دولار أمريكي للجهاز الواحد، إذا تم تصنيعها في أمريكا. وهذا ضعف السعر الحالي. لكن ترامب يريد قطع الطريق على الشركة بتهديداته العقابية.
ولا يبدو أن إعلان الشركة في فبراير/ شباط عن استثمار بقيمة 500 مليار دولار في التصنيع الأمريكي، على مدى 4 سنوات، والتخطيط لبناء مصنع بمساحة 250 ألف قدم مربعة في هيوستن للخوادم، قد أنهى مشكلة أكبر شركة أمريكية من حيث القيمة السوقية، فكيف لاقتصاد قوامه أسواق المال والصيرفة، أن يعود اقتصاداً صناعياً بقرارات فوقية لا تتوفر لها، لا البنية التحتية ولا الموارد البشرية عالية الكفاءة ولا البيئة التنافسية، التي دمّرتها السياسات التجارية الأمريكية الحمائية؟ وكما تذهب «حاسّة القطط» لدى المستثمرين، فإن الأمر لن يقتصر على شركة «أبل»، وإنما ستكون هناك «ضحايا» أخرى واقعة بين خيارين أحلاهما مر.
إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المصلحة الوطنية، فإن الرئيس ترامب محقّ في غضبه على شركات بلاده، التي اختارت البقاء في المهجر، حيث نقلت عملياتها إلى هناك (الصين خصوصاً كأعظم وأربح أسواق العالم استثمارياً وتجارياً)، بدلاً من الاستجابة لطلباته لها بالعودة إلى الأراضي الأمريكية، والمساهمة في إعادة احياء الصناعة الأمريكية. لكن، بالمقابل، لن تغيب بالتأكيد عن أذهان الواقعيين الأمريكيين حقيقة أن الأمر يتعلق بعرين أسد الرأسمالية، أي أمريكا، التي لا تفاضل بين المصلحة الوطنية والمصلحة الربحية الذاتية، وإنما تنحاز فوراً ودائماً للثانية على حساب الأولى، فتطارد، مباشرة وعنوة، الفرصة التي تحقق مصلحتها، حتى لو كانت في أقاصي الديار.
ومن الواضح أن «أبل» لم تجد في السوق الأمريكية ما يغريها للعودة، لأسباب عديدة لا يتسع المجال لذكرها، لكن، الأكيد أن فريق إدارة ترامب يعلمها حتى لو تجاهلها تحت تأثير عنفوان العاطفة الوطنية. مينغ تشي كو، محلل شركة «تي إف إنترناشونال سيكيوريتيز» في هونج كونج (الصينية)، علق على وعيد ترامب ل «أبل» بالقول: «هذه الخطوة (ضريبة ال 25% على «أبل»، في حال فُرضت)، ستجعل تكاليف الشركة باهظة. إنما من حيث الربحية، من الأفضل للشركة أن تتحمل ضريبة قدرها 25% على أجهزة آيفون المبيعة في السوق الأمريكية، على أن تنقل خطوط تجميع أجهزة آيفون إلى الولايات المتحدة».
ألهذا الحد أصبح السوق الأمريكي طارداً للاستثمارات الصناعية؟!
*خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

شكرا لمتابعينا قراءة خبر أين تصنع «أبل» منتجاتها؟ في عيون الجزيرة ونحيطكم علما بان محتوي هذا الخبر تم كتابته بواسطة محرري موقع الخليج الاماراتي ولا يعبر اطلاقا عن وجهة نظر عيون الجزيرة وانما تم نقله بالكامل كما هو، ويمكنك قراءة الخبر من المصدر الاساسي له من الرابط التالي موقع الخليج الاماراتي مع اطيب التحيات.

*** تنويه هام ***
موقع عيون الجزيرة لا يمت بأي صلة لشبكة الجزيرة الاخبارية او قنوات الجزيرة القطرية فنحن موقع اخباري خليجي متعدد المصادر

قد تقرأ أيضا